Hero image

ماذا لو قام الطلاب ببناء مدرستهم بأنفسهم؟

نوفمبر – ديسمبر | 2019

نوفمبر 11, 2019

شارك

في قرية سرا بو (Sra Pou) في كمبوديا قرَّر المهندسان المعماريان الفنلنديان هيلا رودانكو وأنسي كانكنن، إنشاء مدرسة مهنية هناك لمساعدة السكان في التغلب على ظروفهم المعيشية الصعبة.
فعندما سافر رودانكو وكانكنن إلى كمبوديا بهدف تصميم مشروع لإتمام دراستهما الجامعية في فن العمارة، قرَّرا إنشاء المركز هناك بالتعاون مع إحدى المنظمات غير الحكومية لتعليم الأسـر الفقيـرة أساليب كسب رزقهم بأنفسهم. ووقع اختيارهما على قرية سرا بو لكونها من أكثر المناطق حرماناً في كمبوديا لا سيما وأن سكانها كانـوا قد أجلـوا من منازلهم في المدينة واستقروا في تلك المنطقة الريفية النائية بلا أي مقومات حياتية ملائمة، ويفتقرون إلى البنية التحتية الأساسية والمساحات المبنية اللائقة والدخل المناسب.
أراد رودانكو وكانكنن بناء مدرسة تحدث فرقاً منذ لحظة تصميمها على الورق. وهكذا طلبا من السكان أنفسهم أن يكونوا هم البناءون، وأن يعملوا تحت إشرافهما لكي يتعلموا طرق البناء ومختلف المهارات التي يمكنهم استخدامها في ما بعد في بناء بيوتهم أو أي منشآت أخرى.
أبقى المهندسان التقنيات المستخدمة بسيطة وقابلة للتطبيق بسهولة. فالمدرسة بأكملها مبنية يدوياً، ولم تُستخدم أي آلات أو أجزاء مسبقة الصنع في أعمال البناء. ولأن المواد الأولية كانت شحيحة، أراد رودانكو وكانكنن استخدام التربة الحمراء المتوفرة في القرية التي شكَّلاها مع السكان لصنع طوب مجفف رُصف بطريقة متراصة ثابتة لبناء الهيكل المنشود. وإضافة إلى كونه يخدم الغرض الذي بني لأجله، كان ذلك الهيكل يتمتع بجمال الشكل أيضاً، إذ بدت الجدران وكأنها امتداد للظل الدافئ للتربة الحمراء في الأرض المحيطة، كما تخللت الجدران ثقوب صغيرة يدخل من خلالها ضوء الشمس في النهار لإضاءة المكان، وتدخل منها نسمات الهواء لتبريد المساحات. أما في الليل، فكانت المدرسة تضاء ليخرج من تلك الثقوب نور يشع في القرية كلها ليجعلها لؤلؤة المكان بكل معنى الكلمة. وكانت كل الأبواب مصنوعة يدوياً أيضاً، وملونة بألوان جميلة لترحب بالزوار القادمين إليها من جميع الأنحاء. وفي النهار كانت المدرسة تستقبل الطلاب من جميع الأعمار، حيث يتولى تعليمهم عدد من المدرّسين كانت وفرتهم المنظمة غير الحكومية التي تعاونت مع رودانكو وكانكنن، وكانوا يعلِّمونهم المهن المختلفة لكي يستطيعوا تحويل أحلامهم ومهارتهم إلى فرص عمل فعلية. ولكن مبنى المدرسة لم يقتصر على التعليم فقط، إذ كان يتحول في الليل إلى قاعة بلدية، حيث يجتمع فيه أبناء البلدة لاتخاذ القرارات المناسبة والتداول في كيفية إيجاد حلول للمشكلات التي يعانون منها.