Hero image

كتب من العالم

سبتمبر - أكتوبر 2023

ديسمبر 20, 2023

شارك
الحياة‭ ‬الإبداعية‭ ‬للحيوانات The Creative Lives of Animals by Carol Gigliotti
تأليف:‭ ‬كارول‭ ‬غيغليوتي
الناشر ‬NYU Press‭, ‬2022

يتطلع‭ ‬معظم‭ ‬البشر‭ ‬إلى‭ ‬الحيوانات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منظور‭ ‬ضيق‭ ‬جدًا،‭ ‬ولا‭ ‬يعتبرونها‭ ‬سوى‭ ‬كائنات‭ ‬مختلفة‭ ‬تبدو‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬هامشية‭ ‬في‭ ‬حياتهم. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬للحيونات‭ ‬قدرات‭ ‬إبداعية‭ ‬هائلة،‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬تبني‭ ‬مأوى‭ ‬لها،‭ ‬أم‭ ‬تغري‭ ‬شريكها،‭ ‬أم‭ ‬تعبّر‭ ‬عن‭ ‬غضبها‭ ‬أو‭ ‬تعاطفها،‭ ‬أم‭ ‬ترتجل‭ ‬أغنية‭ ‬جديدة،‭ ‬أم‭ ‬تخترع‭ ‬لعبة‭ ‬مسلية. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يتناوله‭ ‬كتاب “الحياة‭ ‬الإبداعية‭ ‬للحيوانات” ‬للأستاذة‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬الديناميكي‭ ‬والدراسات‭ ‬النقدية‭ ‬والثقافية‭ ‬كارول‭ ‬غيغليوتي‭.‬

تقول‭ ‬الباحثة‭ ‬إن‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬سلوكيات‭ ‬الحيوانات‭ ‬الإبداعية‭ ‬الأنشطة‭ ‬المتعلقة‭ ‬باللعب‭ ‬الذي‭ ‬لاحظه‭ ‬العلماء‭ ‬في‭ ‬الأخطبوطات‭ ‬والسلاحف‭ ‬والدبابير‭ ‬الورقية‭ ‬وبعض‭ ‬الحيوانات‭ ‬الأخرى. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬يعتقد‭ ‬علماء‭ ‬البحار‭ ‬أن‭ ‬الفقاعات‭ ‬التي‭ ‬يصنعها‭ ‬الحوت‭ ‬الأحدب‭ ‬لاصطياد‭ ‬مجموعات‭ ‬الأسماك،‭ ‬يتعلمها‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬اللعب،‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬التعلم‭ ‬المرصود. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الذبابة‭ ‬تبني،‭ ‬باستخدام‭ ‬الصفات‭ ‬الإبداعية‭ ‬نفسها‭ ‬عند‭ ‬القندس،‭ ‬غلافًا‭ ‬وقائيًا‭ ‬فريدًا‭ ‬حول‭ ‬نفسها‭ ‬باستخدام‭ ‬خيوط‭ ‬الحرير‭ ‬اللاصقة‭ ‬التي‭ ‬تنبثق‭ ‬من‭ ‬رؤوسها،‭ ‬وهي‭ ‬بذلك‭ ‬تختار‭ ‬المواد‭ ‬المناسبة‭ ‬له‭ ‬بعناية‭ ‬من‭ ‬النباتات‭ ‬وحبيبات‭ ‬الرمل‭ ‬وشظايا‭ ‬الخشب‭ ‬والحصى‭ ‬والأصداف‭ ‬الصغيرة. ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬نعرفه‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الغناء‭ ‬بالنسبة‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬المغردة‭ ‬ليس‭ ‬مسألة‭ ‬فطرية،‭ ‬ولكنها‭ ‬تتعلم‭ ‬كيفية‭ ‬الغناء‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭ ‬من‭ ‬حياتها،‭ ‬وأن‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬تتعلم‭ ‬الأغاني،‭ ‬والوقت‭ ‬ومن‭ ‬يعلمها‭ ‬الغناء،‭ ‬هي‭ ‬خاصة‭ ‬متفردة‭ ‬لدى‭ ‬كل‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الأنواع. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬حياة‭ ‬الحيوانات‭ ‬بوصفها‭ ‬كائنات‭ ‬عاطفية‭ ‬تؤثر‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬قدراتها‭ ‬الإبداعية. ‬فقد‭ ‬وجد‭ ‬الباحثون‭ ‬أن‭ ‬الدجاجات‭ ‬المنزلية‭ ‬تظهر‭ ‬استجابة‭ ‬عضوية‭ ‬وسلوكية‭ ‬واضحة‭ ‬تجاه‭ ‬صغارها‭ ‬عندما‭ ‬تستشعر‭ ‬إحساسهم‭ ‬بالضيق،‭ ‬وأن‭ ‬ذلك‭ ‬يخلق‭ ‬عندها‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التعاطف‭ ‬تساعدها‭ ‬في‭ ‬ابتكار‭ ‬حلول‭ ‬إبداعية‭ ‬لمواساتهم‭.‬

مادة‭ ‬كل‭ ‬شيء‭: ‬كيف‭ ‬غيّر‭ ‬الفضول‭ ‬والفيزياء‭ ‬والتجارب‭ ‬غير‭ ‬المحتملة‭ ‬العالم The Matter of Everything‭: ‬How Curiosity‭, ‬Physics‭, ‬and Improbable Experiments Changed the World by Suzie Sheehy
تأليف: ‬سوزي‭ ‬شيهي
الناشر ‬Knopf‭, ‬2023

لطالما‭ ‬كانت‭ ‬الفيزياء‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬معرفتنا‭ ‬بطبيعة‭ ‬المادة‭ ‬والعالم‭ ‬من‭ ‬حولنا،‭ ‬ولكن‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬استخدام‭ ‬التجارب‭ ‬لتعزيز‭ ‬هذا‭ ‬المسعى؟‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقاس‭ ‬كتلة‭ ‬جسيم‭ ‬أصغر‭ ‬تريليون‭ ‬مرة‭ ‬من‭ ‬حبة‭ ‬الرمل؟‭ ‬كيف‭ ‬نستطيع‭ ‬التقاط‭ ‬حركة‭ ‬الجسيمات‭ ‬التي‭ ‬تقطع‭ ‬مليارات‭ ‬الأميال‭ ‬عبر‭ ‬الفضاء‭ ‬السحيق؟‭ ‬وأخيرًا،‭ ‬ما‭ ‬أهمية‭ ‬كل‭ ‬ذلك؟

في‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب،‭ ‬تعرّفنا‭ ‬عالمة‭ ‬فيزياء‭ ‬المسرّعات‭ ‬سوزي‭ ‬شيهي‭ ‬على‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬أجروا‭ ‬اختبارات‭ ‬غيرت‭ ‬مجرى‭ ‬التاريخ‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مزيج‭ ‬من‭ ‬العبقرية‭ ‬والمثابرة‭ ‬والصدفة،‭ ‬من‭ ‬اكتشاف‭ ‬الأشعة‭ ‬السينية‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬بالصدفة‭ ‬في‭ ‬مختبر‭ ‬ألماني،‭ ‬إلى‭ ‬محاولة‭ ‬العلماء‭ ‬إثبات‭ ‬خطأ‭ ‬نظرية‭ ‬آينشتاين،‭ ‬لينتهوا‭ ‬إلى‭ ‬إثبات‭ ‬صحتها‭ ‬وإن‭ ‬عن‭ ‬غير‭ ‬قصد‭.‬

وتوضح‭ ‬شيهي‭ ‬كيف‭ ‬أن “نظرتنا‭ ‬إلى‭ ‬أصغر‭ ‬المكونات‭ ‬في‭ ‬الطبيعة‭ ‬قد‭ ‬تغيرت‭ ‬بسرعة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬المئة‭ ‬والعشرين‭ ‬سنة‭ ‬الماضية”‬،‭ ‬فرغم‭ ‬أن‭ ‬العلماء‭ ‬اتفقوا‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬على‭ ‬أن “موضوع‭ ‬الفيزياء‭ ‬قد‭ ‬اكتمل‭ ‬تقريبًا”‬،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬اكتشاف‭ ‬الأشعة‭ ‬السينية‭ ‬أظهر‭ ‬أن‭ ‬الكون‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬لديه‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأسرار‭ ‬للكشف‭ ‬عنها. ‬وتبع‭ ‬ذلك‭ ‬سلسلة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬التجارب،‭ ‬ففي‭ ‬حوالي‭ ‬عام ‭‬1900م،‭ ‬قام‭ ‬عالم‭ ‬الفيزياء‭ ‬الألماني‭ ‬ماكس‭ ‬بلانك‭ ‬بعمل‭ ‬مهم‭ ‬يتعلق “بتكميم‭ ‬الطاقة”‬،‬ واكتشف‭ ‬عالما‭ ‬الفيزياء‭ ‬الألمانيان‭ ‬هانز‭ ‬غايغر‭ ‬وإرنست‭ ‬مارسدن‭ ‬بنية‭ ‬الذرات‭ ‬بعد‭ ‬بضع‭ ‬سنوات‭… ‬إلخ‭.‬

تقول‭ ‬شيهي‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬التجارب‭ ‬لم‭ ‬تشكل‭ ‬فهمنا‭ ‬للكون‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬شكلت‭ ‬أيضًا‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬نعيش‭ ‬بها،‭ ‬إذ‭ ‬ساعدتنا‭ ‬هذه‭ ‬الإنجازات‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬أجهزة‭ ‬كشف‭ ‬ترسم‭ ‬خرائط‭ ‬لدواخل‭ ‬البراكين،‭ ‬وتطوير‭ ‬معدات‭ ‬طبية‭ ‬منقذة‭ ‬للحياة،‭ ‬وإنشاء‭ ‬أجهزة‭ ‬إلكترونية‭ ‬تُستخدم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬كابلات‭ ‬الألياف‭ ‬الضوئية‭ ‬إلى‭ ‬الألواح‭ ‬الشمسية،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬تطورات‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أشباه‭ ‬الموصلات‭ ‬وشبكة‭ ‬الويب‭ ‬العالمية‭ ‬وطرق‭ ‬التأريخ‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الآثار‭ ‬والتصوير‭ ‬المقطعي. ‬وعلى‭ ‬طول‭ ‬الطريق،‭ ‬تبرز‭ ‬شيهي‭ ‬أسماء‭ ‬لبعض‭ ‬العلماء‭ ‬المنسيين،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬اللواتي‭ ‬تم‭ ‬حذفهن‭ ‬من‭ ‬التاريخ،‭ ‬ومن‭ ‬أبرزهن‭ ‬عالمة‭ ‬الفيزياء‭ ‬الهندية‭ ‬بيبها‭ ‬شودهري،‭ ‬التي‭ ‬اكتشفت‭ ‬دليلًا‭ ‬على “جسيمين‭ ‬دون‭ ‬ذريين‭ ‬جديدين” ‬في‭ ‬الثلاثينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭.‬

باختصار،‭ ‬يستكشف‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬الاختراعات‭ ‬الفيزيائية‭ ‬المتواصلة‭ ‬التي‭ ‬تظهر‭ ‬البراعة‭ ‬البشرية‭ ‬والإبداع،‭ ‬وفوق‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬الفضول‭ ‬والرغبة‭ ‬البشرية‭ ‬الدائمة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬المعرفة‭.‬

كل‭ ‬المعرفة‭ ‬في‭ ‬العالم‭: ‬التاريخ‭ ‬الاستثنائي‭ ‬للموسوعة All the Knowledge in the World‭: ‬The Extraordinary History of the Encyclopedia by Simon Garfield
تأليف: ‬سيمون‭ ‬غارفيلد
الناشر ‬William Morrow‭, ‬2023

منذ‭ ‬زمن‭ ‬ليس‭ ‬ببعيد،‭ ‬كانت‭ ‬الموسوعات‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬فهمنا‭ ‬للعالم،‭ ‬وكانت‭ ‬تعطي‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يطلع‭ ‬عليها‭ ‬إحساسًا‭ ‬بالحكمة‭ ‬المطلقة‭. ‬ويتتبع‭ ‬الكاتب‭ ‬البريطاني‭ ‬سيمون‭ ‬غارفيلد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬تاريخ‭ ‬الموسوعات‭ ‬من‭ ‬اليونان‭ ‬القديمة‭ ‬إلى‭ ‬عصرنا‭ ‬الحالي،‭ ‬مركّزًا‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬على‭ ‬موسوعة‭ ‬بريتانيكا ‬التي‭ ‬تُعتبر‭ ‬المعيار‭ ‬الذهبي‭ ‬للموسوعات‭ ‬كلها‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬والتي‭ ‬يعود‭ ‬أول‭ ‬صدورها‭ ‬إلى‭ ‬عام 1768م،‭ ‬وكانت‭ ‬مزيجًا‭ ‬من‭ ‬مواد‭ ‬مستمدة‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬موجودة‭ ‬سابقًا‭ ‬ومقالات‭ ‬أصيلة‭ ‬من‭ ‬محررين‭ ‬متنوعين‭.‬

وقد‭ ‬استخدمت‭ ‬الإصدارات‭ ‬اللاحقة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الموسوعة‭ ‬مساهمات‭ ‬من‭ ‬محررين‭ ‬متخصصين‭ ‬بعضهم‭ ‬ذوي‭ ‬أسماء‭ ‬لامعة،‭ ‬فقد‭ ‬كتب‭ ‬غارفيلد‭ ‬يقول: “في‭ ‬عام ‭‬1926م،‭ ‬تلقّى‭ ‬جورج‭ ‬برنارد‭ ‬شو‭ ‬68‭.‬50‭ ‬دولارًا‭ ‬أمريكيًا‭ ‬مقابل‭ ‬مقالته‭ ‬عن‭ ‬الاشتراكية،‭ ‬بينما‭ ‬تلقى‭ ‬ألبرت‭ ‬آينشتاين ‭ ‬86‭.‬40‭‬دولارًا‭ ‬أمريكيًا‭ ‬مقابل‭ ‬مقالته‭ ‬عن‭ ‬الزمان‭-‬المكان”. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يلاحظ‭ ‬غارفيلد‭ ‬أن‭ ‬بريتانيكا‭ ‬كانت‭ ‬بعيدة‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬كونها‭ ‬المحاولة‭ ‬الأولى‭ ‬لتوحيد‭ ‬المعرفة‭ ‬كلها‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬للإغريق‭ ‬والرومان‭ ‬القدامى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحاولات‭ ‬لجمع‭ ‬المعرفة‭ ‬في‭ ‬مجلد‭ ‬واحد. ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬تمثلت‭ ‬أهم‭ ‬المحاولات‭ ‬في‭ ‬موسوعة‭ ‬يونغل‭ ‬داديان‭ ‬الصينية،‭ ‬التي‭ ‬تعني‭ ‬حرفيًا‭ ‬الوثائق‭ ‬الشاسعة‭ ‬لعهد‭ ‬يونغل،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬أقدم‭ ‬موسوعة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬والأضخم‭ ‬حتى‭ ‬سبتمبر ‬2007م،‭ ‬حينما‭ ‬تجاوزتها‭ ‬موسوعة‭ ‬ويكيبيديا.‭ ‬فقد‭ ‬شارك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬آلاف‭ ‬مثقف‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الإمبراطور‭ ‬يونغلي (‬1403-1406م)‬ في‭ ‬وضع‭ ‬هذه‭ ‬الموسوعة‭ ‬التي‭ ‬تتألف‭ ‬من‭ ‬22‭,‬937‭ ‬جزءًا‭ ‬تم‭ ‬جمعها‭ ‬في‭ ‬11‭,‬095‭ ‬مجلدًا،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يساوي‭ ‬12‭ ‬ضعف‭ ‬الموسوعة‭ ‬التي‭ ‬وضعها‭ ‬الفرنسيان‭ ‬ديدرو‭ ‬ودالامبير‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الثامن‭ ‬عشر‭ ‬الميلادي‭.‬

ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬يقول‭ ‬غارفيلد‭ ‬إن: “اختيار‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬تصنيفه‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬معرفة‭ ‬ذات‭ ‬قيمة،‭ ‬وطريقة‭ ‬تقييمها‭ ‬وأفضل‭ ‬وسيلة‭ ‬لتقديمها،‭ ‬كان‭ ‬هو‭ ‬الهم‭ ‬الأساس‭ ‬لكل‭ ‬محرر‭ ‬موسوعة‭ ‬في‭ ‬التاريخ”. ‬ليخلص‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الموسوعات‭ ‬ذات‭ ‬النسخ‭ ‬الورقية‭ ‬استُبدلت‭ ‬أولًا‭ ‬بأقراص‭ ‬مضغوطة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬بويكيبيديا‭ ‬ومصادر‭ ‬رقمية‭ ‬أخرى.‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬حسب‭ ‬غارفيلد،‭ ‬اعتمدت‭ ‬ويكيبيديا‭ ‬على‭ ‬معلومات‭ ‬كثيرة‭ ‬مستمدة‭ ‬من‭ ‬الطبعة‭ ‬الحادية‭ ‬عشرة‭ ‬لبريتانيكا‭ ‬(خارج‭ ‬حقوق‭ ‬الطبع‭ ‬والنشر)‭ ‬باعتبارها‭ ‬قاعدة‭ ‬معارفها‭ ‬الأساسية.‭ ‬ولكن‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬تراجع‭ ‬المطبوعات‭ ‬الورقية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬فإن‭ ‬إرث‭ ‬تلك‭ ‬الموسوعات‭ ‬المتميزة‭ ‬القديمة‭ ‬سيستمر‭.‬

اللغات‭ ‬الخيالية‭: ‬الأساطير،‭ ‬واليوتوبيا،‭ ‬والتصورات،‭ ‬والأوهام،‭ ‬والخيال‭ ‬اللغوي Imaginary Languages‭: ‬Myths‭, ‬Utopias‭,
الناشر: ‬MIT Press‭, ‬2022 ترجمة‭: ‬إريك‭ ‬بتلر تأليف: ‬مارينا‭ ‬ياغويلو ‬Fantasies‭, ‬Illusions‭, ‬and Linguistic Fictions‭, ‬by Marina Yaguello‭, ‬Translated by Erik Butler

“تمثل‭ ‬أسطورة‭ ‬بابل‭ ‬النظير‭ ‬الأفضل‭ ‬لأسطورة‭ ‬اللغة‭ ‬الآدمية،‭ ‬إذ‭ ‬تسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬غموض‭ ‬الألسنة‭ ‬الكثيرة‭ ‬التي‭ ‬يتحدث‭ ‬بها‭ ‬البشر‭ ‬وعدم‭ ‬التوافق‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭”‬‬، هذا‭ ‬ما‭ ‬تقوله‭ ‬عالمة‭ ‬اللغة‭ ‬الفرنسية‭ ‬مارينا‭ ‬ياغويلو‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب،‭ ‬الذي‭ ‬يأتي‭ ‬بمثابة‭ ‬إضافة‭ ‬فصل‭ ‬مهم‭ ‬آخر‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الأسطورة‭ ‬البابلية‭ ‬الشهيرة‭.‬

تستكشف‭ ‬ياغويلو‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬تاريخ‭ ‬اختراع‭ ‬اللغات‭ ‬وحاضرها‭ ‬الحالي،‭ ‬من‭ ‬التحدث‭ ‬بألسنة‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬أطر‭ ‬دينية‭ ‬معينة،‭ ‬مرورًا‭ ‬باختراع‭ ‬لغات‭ ‬بهدف‭ ‬تحقيق‭ ‬اليوتوبيا‭ ‬الشمولية،‭ ‬إلى‭ ‬الاكتشافات‭ ‬اللغوية‭ ‬الحديثة.‭ ‬وضمنت‭ ‬كتابها‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬اللغات‭ ‬الخيالية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬منتجات‭ ‬جهود‭ ‬فردية‭ ‬لوضع‭ ‬لغة‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬تعريفها‭ ‬بأنها‭ ‬أنظمة‭ ‬مستقلة‭ ‬ومكتملة‭ ‬بحد‭ ‬ذاتها‭ ‬ومقصورة‭ ‬للاستخدام‭ ‬الجماعي،‭ ‬ولكنها‭ ‬لغات‭ ‬خيالية. ‬وبالتالي،‭ ‬فهي‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬اللغات‭ ‬الطبيعية‭ ‬واللغات‭ ‬المشهود‭ ‬لها‭ ‬تاريخيًا‭.‬

تحقق‭ ‬ياغويلو‭ ‬في‭ ‬مصادر‭ ‬اللغات‭ ‬الخيالية‭ ‬في‭ ‬الأساطير‭ ‬والأحلام‭ ‬وفي‭ ‬أدب‭ ‬اليوتوبيا.‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تأخذ‭ ‬القراء‭ ‬في‭ ‬جولة‭ ‬على‭ ‬اللغات‭ ‬المخترعة‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬السادس‭ ‬عشر‭ ‬إلى‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تلك‭ ‬المذكورة‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬يوتوبيا‭ ‬لتوماس‭ ‬مور‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬السادس‭ ‬عشر،‭ ‬وفي‭ ‬الرموز‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الجبر‭ ‬التي‭ ‬وضعها‭ ‬عالم‭ ‬الرياضيات‭ ‬الألماني‭ ‬غوتفريد‭ ‬ليبنيز‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬السابع‭ ‬عشر،‭ ‬وفي‭ ‬الخيال‭ ‬اللغوي‭ ‬المتضمن‭ ‬في‭ ‬روايات‭ ‬الكاتب‭ ‬البريطاني‭ ‬إدوارد‭ ‬ليتون‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر. كما‭ ‬تسلط‭ ‬الكاتبة‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الأوهام‭ ‬اللغوية ‭‬(أو‭ ‬الجنون) ‬للمتخصص‭ ‬اللغوي‭ ‬نيكولاي‭ ‬مار‭ ‬في‭ ‬العقد‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬قبل‭ ‬الشروع‭ ‬في‭ ‬نظريته‮ ‬‭‬اليافثية‭ ‬حول أصل‭ ‬اللغة‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬الآن‭ ‬نظرية‭ ‬زائفة.‭ ‬وتنظر‭ ‬الكاتبة‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬اللغة‭ ‬الفلسفية‭ ‬الحقيقية.‭ ‬ولا‭ ‬تغفل‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬اللغات‭ ‬العديدة‭ ‬التي‭ ‬اختُرِعت‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬لغات‭ ‬مصطنعة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تسهيل‭ ‬التواصل‭ ‬العالمي،‭ ‬أم‭ ‬اللغات‭ ‬المتخيلة‭ ‬المبتكرة‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬عوالم‭ ‬الخيال‭ ‬العلمي‭.‬

وتخلص‭ ‬الكاتبة‭ ‬إلى‭ ‬القول‭ ‬إنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬اللغات‭ ‬الخيالية،‭ ‬في‭ ‬الغالب،‭ ‬لم‭ ‬تترك‭ ‬إلا‭ ‬بصمات‭ ‬قليلة‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬الفكري‭ ‬الأوسع،‭ ‬لكن‭ ‬دراسة‭ ‬هذه‭ ‬الاختراعات‭ ‬اللغوية‭ ‬تسمح‭ ‬لنا،‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى،‭ ‬بالتعمق‭ ‬في‭ ‬فكرة‭ ‬اللغة‭ ‬وإدراك‭ ‬غرابتها‭ ‬والاندهاش‭ ‬أمام‭ ‬معجزاتها‭.‬

مقارنة‭ ‬بين‭ ‬كتابين

سحر‭ ‬الرهبة‭ ‬وقوة‭ ‬الأحاسيس

‭(‬1‭) ‬
الرهبة: ‬العلم‭ ‬الجديد‭ ‬للعجائب‭ ‬اليومية‭ ‬وكيف‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تغير‭ ‬حياتك

Awe‭: ‬The New Science of Everyday Wonder and How It Can Transform‭ ‬
Your Life‭, ‬by Dacher Keltner

تأليف: ‬داتشر‭ ‬كيلتنر

الناشر: ‬Penguin Press‭, ‬2023

‭(‬2‭) ‬مثير: ‬قصة‭ ‬جديدة‭ ‬لأحاسيسنا

Sensational‭: ‬A New Story of our Senses by Ashley Ward

تأليف: ‬آشلي‭ ‬وارد

الناشر: ‬Profile Books‭, ‬2023

في‭ ‬العالم‭ ‬المحموم‭ ‬الذي‭ ‬نعيش‭ ‬فيه‭ ‬مع‭ ‬ضجيج‭ ‬الوسائل‭ ‬التكنولوجية‭ ‬والانفصال‭ ‬المخيف‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يحيط‭ ‬بنا،‭ ‬صدر‭ ‬مؤخرًا‭ ‬كتابان،‭ ‬الأول‭ ‬بعنوان “الرهبة” ‬لمؤلفه‭ ‬عالم‭ ‬النفس‭ ‬الاجتماعي‭ ‬داتشر‭ ‬كيلتنر،‭ ‬والثاني‭ ‬بعنوان “مثير” ‬للدكتور‭ ‬آشلي‭ ‬وارد،‭ ‬المتخصص‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬السلوك‭ ‬الحيواني،‭ ‬يدعوان‭ ‬إلى‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬دواخلنا‭ ‬والتعرف‭ ‬على‭ ‬مشاعرنا‭ ‬العميقة‭ ‬كوسيلة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الرضا‭ ‬والسعادة‭.‬

في‭ ‬كتابه‭ ‬الرهبة،‭‬‭ ‬يستكشف‭ ‬كيلتنر‭ ‬الشعور‭ ‬الغامض‭ ‬الذي‭ ‬نشعر‭ ‬به‭ ‬جميعًا،‭ ‬ويمتلك‭ ‬لغته‭ ‬الخاصة‭ ‬المتمثلة‭ ‬بالقشعريرة‭ ‬والدموع‭ ‬والرشقات‭ ‬الصوتية‭ ‬الخفيفة‭ ‬والآهات،‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬الإحساس‭ ‬بالرهبة.‭ ‬ويصف‭ ‬الرهبة‭ ‬بأنها “العاطفة‭ ‬التي‭ ‬نختبرها‭ ‬عندما‭ ‬نواجه‭ ‬ألغازًا‭ ‬كبيرة‭ ‬لا‭ ‬نفهمها”‬،‭ ‬وتتميز‭ ‬عن‭ ‬الصفات‭ ‬المجردة‭ ‬الأخرى‭ ‬مثل‭ ‬الخوف‭ ‬أو‭ ‬الفرح. ‬إنها‭ ‬الشعور‭ ‬الغامر‭ ‬عند‭ ‬الاستماع‭ ‬إلى‭ ‬مقطوعة‭ ‬موسيقية‭ ‬جميلة‭ ‬أو‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬السماء‭ ‬الليلية‭ ‬الصافية‭ ‬المتلألئة‭ ‬بالنجوم،‭ ‬أو‭ ‬عندما‭ ‬نحدق‭ ‬في‭ ‬لوحة‭ ‬فنية‭ ‬مرت‭ ‬عليها‭ ‬قرون‭ ‬زمنية‭ ‬عديدة.

‬ولكن‭ ‬كيلتنر‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬الرهبة‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬تأتي‭ ‬دائمًا‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬السعيدة،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬تشمل‭ ‬أيضًا‭ ‬الولادة‭ ‬والموت‭ ‬ودورة‭ ‬الحياة. ‬وهذه‭ ‬الدورة‭ ‬هي‭ ‬إحدى‭ ‬عجائب‭ ‬الحياة‭ ‬الثمانية‭ ‬التي‭ ‬حددها‭ ‬كيلتنر‭ ‬في‭ ‬كتابه،‭ ‬وهي‭ ‬ثماني‭ ‬عجائب‭ ‬توصل‭ ‬إلى‭ ‬تعريفها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إجراء‭ ‬مقابلات‭ ‬مع‭ ‬أشخاص‭ ‬من‭ ‬ديانات‭ ‬وثقافات‭ ‬وخلفيات‭ ‬اجتماعية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وأنظمة‭ ‬سياسية‭ ‬مختلفة‭ ‬عبر‭ ‬26‭ ‬بلدًا‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬العالم. ‬أما‭ ‬العجائب‭ ‬السبع‭ ‬الأخرى‭ ‬فهي: ‬الجمال‭ ‬الأخلاقي‭ ‬الذي‭ ‬عرّفه‭ ‬بأنه‭ ‬السلوك‭ ‬الفاضل‭ ‬تجاه‭ ‬الآخرين،‭ ‬والانفعال‭ ‬الجماعي‭ ‬الذي‭ ‬يتحقق‭ ‬خلال‭ ‬التجمعات‭ ‬الكبيرة،‭ ‬وسحر‭ ‬الطبيعة‭ ‬بكل‭ ‬مناظرها‭ ‬الملهمة،‭ ‬والموسيقى‭ ‬وما‭ ‬تحركه‭ ‬فينا‭ ‬من‭ ‬مشاعر،‭ ‬والتصميم‭ ‬المرئي‭ ‬مثل‭ ‬العمارة‭ ‬والهندسة‭ ‬والفن‭ ‬والسينما،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الروحانيات‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يحرك‭ ‬أعماق‭ ‬دواخلنا،‭ ‬وأخيرًا،‭ ‬هناك‭ ‬التجلي‭ ‬عندما‭ ‬تظهر‭ ‬الحقائق‭ ‬الأساسية‭ ‬فجأة‭ ‬للعيان‭ ‬مثل‭ ‬الرؤى‭ ‬الفلسفية‭ ‬والاكتشافات‭ ‬العلمية‭.‬

وفيما‭ ‬يعتبر‭ ‬كيلتنر‭ ‬أن‭ ‬تنمية‭ ‬الشعور‭ ‬بالرهبة‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية‭ ‬يساعدنا‭ ‬على‭ ‬استشعار‭ ‬إحساس‭ ‬أكبر‭ ‬بالرضا‭ ‬وإدراك‭ ‬سعة‭ ‬الكون،‭ ‬ينصح‭ ‬وارد‭ ‬في‭ ‬كتابه “مثير”‭ ‬باتباع‭ ‬نهج‭ ‬أكثر‭ ‬تقليدية‭ ‬لرفع‭ ‬مستوى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عادي‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مثير،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استكشاف‭ ‬حواسنا‭ ‬والتواصل‭ ‬معها‭ ‬بشكل‭ ‬أعمق،‭ ‬لأنها‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تعطي‭ ‬المعنى‭ ‬الحقيقي‭ ‬لتجاربنا‭ ‬اليومية. ‬فحواسنا‭ ‬هي‭ ‬جوهر‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬نتنقل‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وهي‭ ‬وفقًا‭ ‬لوارد: “وسيلة‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬ذواتنا‭ ‬الداخلية‭ ‬والعالم‭ ‬الخارجي”.

ويضيف‭ ‬المؤلف‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬اعتقادًا‭ ‬اليوم‭ ‬بأن‭ ‬لدى‭ ‬البشر‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬من‭ ‬53‭ ‬حاسة‭ ‬عوضًا‭ ‬عن‭ ‬خمس‭ ‬فقط.‭ ‬ففي‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بحاسة‭ ‬الشم،‭ ‬مثلًا،‭ ‬لدى‭ ‬الفرد‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬800‭ ‬مستقبل‭ ‬شم‭ ‬مختلف،‭ ‬وما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬10‭,‬000‭ ‬برعم‭ ‬تذوق‭ ‬معظمها‭ ‬على‭ ‬اللسان‭ ‬والباقي‭ ‬موزعة‭ ‬حول‭ ‬الخدين‭ ‬وداخل‭ ‬الفم‭ ‬والحلق.‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬أضفنا‭ ‬الإحساس‭ ‬بالتوازن‭ ‬وما‭ ‬يعرف‭ ‬بالحاسة‭ ‬السادسة‭ ‬تكون‭ ‬لدينا‭ ‬مجموعة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأحاسيس‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تغني‭ ‬وجودنا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكون.‭‬‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬تأتينا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حواسنا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬قياسها‭ ‬بشكل‭ ‬موضوعي،‭ ‬لأن‭ ‬الدماغ‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يعمد‭ ‬إلى‭ ‬تفسيرها،‭ ‬فإن‭ ‬الأحاسيس‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تغذي‭ ‬الإدراك.‭ ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬الكم‭ ‬الكبير‭ ‬من‭ ‬الحواس‭ ‬التي‭ ‬نمتلكها،‭ ‬فإن‭ ‬اختبارها‭ ‬بشكل‭ ‬أعمق‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬حولنا،‭ ‬ويحدد‭ ‬بوضوح‭ ‬مكاننا‭ ‬فيه‭.‬