يُعدُّ هذا الكتاب استكشافًا شاملًا لتاريخ الإيموجي وأهميته الثقافية، بالإضافة إلى التطوُّر المعقَّد لهذه الرموز الرقمية الصغيرة التي غيَّرت شكل التواصل الحديث. يقدِّم الكاتب كيث هيوستن سردًا شاملًا يتتبع فيه أصول الإيموجي، بعيدًا عن القصة الشائعة التي تحصر نشأتها في العصر الحديث، موضحًا مكانتها في سياق تاريخي وتقني أوسع.
يبدأ المؤلف باستكشاف جذور الإيموجي بالعودة إلى الأيديوغرامات والرموز التصويرية القديمة، وهي أشكال كتابية أوليَّة استخدمت الصور لتمثيل الأفكار والأشياء، ليصل بعد ذلك إلى الرموز الرقمية المعاصرة. ويشدِّد هيوستن على تصحيح الفكرة الشائعة: أن ظهور الإيموجي كان مع الهواتف المحمولة اليابانية في أواخر التسعينيات، موضحًا وجود سوابق في تقنيات الحوسبة اليابانية تعود إلى الثمانينيات، إلى جانب محاولات التواصل البصري المبكرة في تاريخ الحوسبة الأمريكية والأوروبية. تضيف هذه النظرة الجديدة عمقًا لفهم القارئ لكيفية تطور الإيموجيات من كونها مجرد أيقونات مُسلِّية إلى شكل متطور ومعقد من التواصل الرمزي الإنساني.
كما يتناول هيوستن، بتفصيل دقيق، الكواليس الداخلية لـ"اتحاد يونيكود" المسؤول عن توحيد رموز الإيموجي عبر مختلف المنصات، ويشرح الجدل والاختلافات التي لا تزال تدور حول اختيار هذه الرموز وتمثيلها ودمجها، مع التركيز على تأثير عوامل مثل العرق والجنس والمهنة والثقافة في تشكيل قائمة الإيموجي التي نستخدمها يوميًّا على لوحات المفاتيح. كما يناقش تطور تصميم الإيموجي، والتحديات المرتبطة بابتكار رموز يفهمها الجميع، وكيفية تحقيق توازن دقيق بين غايات التواصل السليم والمتطلبات العالمية. من خلال هذه الرؤى، يتبيّن أن الإيموجي ظاهرة أكبر من مجرد موضة رقمية عابرة، بل هي انعكاس لقيم المجتمع وتحاملاته والسياسات التكنولوجية المتجذرة فيه.
يحتوي الكتاب أيضًا على قصص وتعليقات ثقافية تُلقي الضوء على كيفية اندماج الإيموجي في حياتنا اليومية وفي الثقافات الشعبية المختلفة، ويلتقط أسلوب الفكاهة والسخرية التي تنطوي عليها لغة الإيموجي. كما يتناول الأسئلة الفلسفية واللغوية المرتبطة بهذه الرموز، مثل: هل يمكن عدَّها كلمات؟ أم صورًا؟ أم نوعًا لغويًّا جديدًا؟ وهل تستطيع التعبير عن مشاعر وأفكار معقَّدة؟ ومع أن المؤلف لا يقدّم إجابات نهائية، غير أنه يدعونا إلى التفكير في الدور المتنامي للإيموجي في صناعة تواصل إنساني غني ومتطوِّر.
يقدِّم الكتاب فهمًا عميقًا لتاريخ الإيموجيات، إحدى أكثر وسائل التواصل انتشارًا في القرن الحادي والعشرين، ويبين أهميتها، بحيث يجمع هيوستن بين التحليل التاريخي والثقافي، ليُظهر تطور الإيموجيات من رموز تصويرية قديمة إلى أدوات رقمية حديثة. ويشجِّع الكتاب القرَّاء أن ينظروا للإيموجيات على أنها أكثر من مجرد زخرفة رقمية، بل هي وسائل ثقافية مؤثِّرة تشكِّل طرق تواصلنا وتعبيرنا وفهمنا للآخرين في العالم المعاصر.
وجه بدموع الفرح
تاريخ طبيعي للإيموجي
تأليف: كيث هيوستن
Face with Tears of Joy: A Natural History of Emoji by Keith Houston
الناشر: W. W. Norton & Company، 2025م
