Hero image

الجامعة الإسلامية عام 1975م

ديسمبر 17, 2025

15 دقيقة

شارك

نشرت في القافلة عدد (نوفمبر-ديسمبر 1975م) بقلم سليمان نصر الله.
تصوير: عبداللطيف يوسف.

في مهبط الوحي وعاصمة الإسلام الأولى صَرحٌ علميٌّ شامخ، ومنارةٌ سامقة يَغمرُ ضياؤها السّاطع أرجاءَ المعمورة بنور الهدى ودين الحق. دوحة باسقة يتفيَّأ ظلالَها الوارفة أبناءُ المسلمين من كل مكان، يغترفون من مناهلها العذبةِ الثقافةَ الدينية الخالصة المُستمدة من كتابِ الله عزّ وجلّ وسنةِ نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. تلك هي الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، التي ترعاها حكومة المملكة العربية السعودية وتغدق عليها وتمهّد لها جميع السُّبل لتمكينها من أداء رسالتها الإسلامية على خير وجه.

لقد كان تأسيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، مهد العلوم الإسلامية، منذ أربعة عشر عامًا، خطوةً مباركة وعملًا جليلًا تنفّذه حكومة المملكة العربية السعودية، انطلاقًا من إيمانها الراسخ بنشر دعوة الحق وخدمة المسلمين وجمع كلمتهم على شريعة الإسلام السمحة ومبادئه السامية. فلا غرو أن تقوم هذه الجامعة الحديثة لتترسم خطى مدرسة الرسول الأعظم في المسجد النبوي الشريف، الجامعة الإسلامية الأولى، والتي تخرّج منها كبار الأئمة والعلماء والفقهاء والدعاة والمفكرين.

فبرزت إلى حيز الوجود في عام 1381هـ، وبدأت الدراسة فيها في اليوم الثاني من شهر جمادى الثانية 1381هـ، واستقبلت في عامها الدراسي الأول 256 طالبًا من مختلف أنحاء العالم الإسلامي. ومنذ ذلك الحين راحت الجامعة، بفضل جهود القائمين عليها وإخلاصهم وتفانيهم، تعمل على تثبيت دعائمها وتوطيد مكانتها العلمية لتحقيق الآمال الكبيرة المعلقة عليها والأهداف النبيلة التي وجدت من أجلها. ولم يمضِ على تأسيسها سنوات قليلة حتى تبلورت أهدافها وغدت تتمتع بمركز علمي مرموق، أخذت آثاره تتبدّى جليّة أرجاء العالم الإسلامي. فقد زارها جلالة الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز، تغمَّده الله برحمته، في شهر ذي القعدة عام 1384هـ، وسُرّ بما حققته الجامعة في فترة قصيرة من عمرها فقال: "ليس غريبًا أن أرى وأسمع وألمس في هذه الجامعة ما يُثلج الصدور ويبهج الخاطر من انطلاقة إسلامية كُبرى أرجو لها النجاح وأرجو أن تؤتي ثمارها في أقطار العالم الإسلامي لخدمة هذه الدعوة المباركة والنهوض بها والسعي إلى نشرها بين أبناء الملة الإسلامية والدعوة إليها بين أبناء الملل الأخرى. وإنني لأرجو لها نجاحًا باهرًا ما دامت ترتكز على مِثل هذه السواعد ومِثل هذه الروح الوثَّابة المنطلقة بحول الله لنشر هذا الدين والدعوة إليه والجهاد في سبيله".

والجامعة الإسلامية إذ تواصل مسيرتها المباركة تلقى من لَدُن صاحب الجلالة الملك خالد بن عبد العزيز، بصفته الرئيس الأعلى للجامعة، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن عبدالعزيز، كل عون وتأييد، لتمكينها من تحقيق أهدافها الخَيِّرة، هذه الأهداف التي لخَّصها سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، رئيس الجامعة الإسلامية، بقوله: إن المدينة المنورة التي تهفو إليها قلوب المسلمين وتصبو لزيارتها نفوسهم هي أَولى الأمكنة والبقاع بأن يقصدها المسلمون من كل بلد يقطنه مسلم، لكي يتفقَّهوا في الدين ويتضلَّعوا في العلوم الإسلامية الصحيحة، ثم يعودوا بما حملوه من نور وما استفادوه من هدى إلى بلادهم وقومهم مبشرين ومنذرين هادین مُهتدِين عملًا بقوله تعالى: "فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ". وتتلخَّص أهداف الجامعة في تثقيف أكبرِ عدد ممكن من أبناء المسلمين في سائر أنحاء العالم ثقافةً إسلامية صافية نقية على كافة مستويات التعليم، تُمكِّنهم من فهم الدين الإسلامي فهمًا صحيحًا كاملًا كما فهمه السلف الصالح والرعيل الأول من المسلمين، مع دراسة المذاهب الاجتماعية المنحرفة الحاضرة، وإظهار فضل الدين الإسلامي الحنيف عليها، حتى يتمكَّنوا من أن يُفهِموا قومهم من المسلمين ما عرفوه وتعلموه، ويتمكنوا أيضًا من شرح حقيقة الدين الإسلامي الحنيف لغير المسلمين من أصحاب الملل والنِّحل الأخرى، وليقوموا بشرح محاسن الإسلام وتنقيته مما نُسب إليه من الخرافات والضلالات وما أُلصق به من الأكاذيب والبِدع التي روجها أعداؤه والجاهلون به، حتى يكون ذلك وسيلة من وسائل تبصير المسلمين بدينهم وإدخال غير المسلمين في الإسلام عملًا بقوله تعالى: "قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي".

 

المسجد النبوي الشريف كان بمثابة الجامعة الإسلامية الأولى التي تخرّج منها كبار الأئمة والعلماء والفقهاء، ولا تزال تُعقد فيه حلقات الدرس.

موقع الجامعة الإسلامية

اُختير موقع الجامعة في أحسن بقعة حول المدينة المنورة من حيث نقاء الهواء وطيب التربة، في موضع يقع قرب العَرْصَةِ الصُّغرى في وادي العقيق المشهور، الذي تغنَّى به الشعراء قديمًا وحديثًا، فهذا أحد الشعراء القُدامى يقول:

القصر فالنخل فالجماء بينهما
أشهى على القلب من أبواب جيرون

ويقصد الشاعر بالجماء جبال الجماوات الوردية اللون التي تحفُّ بالوادي من الغرب. أما جيرون فهي دمشق.

وهذه أعرابية من سكّان العقيق، زُوِّجت وحُملت إلى نجد، تَحنُّ إلى تلك الربوع الجميلة فتقول:

إذا الريح من نحو العقيق تنسمت
تجدّد لي شوق يضاعف من وجدي
إذا رحلوا بي نحو نجدٍ وأهله
فحسبي من الدنيا رجوعي إلى نجدي

وقد رُوي عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قوله: "أتاني الليلة آتٍ فقال: صلِّ في هذا الوادي المبارك". وكانت هذه البقعةُ في عهد بني أمية عامرةً بالحدائق الغنَّاء والقصور البديعة والمياه المتدفقة من العيون والآبار، بَيْد أنَّ يد الحَدَثان لم تلبث أن عبثت بها فأُقفرت، ولم تعُد إليها نضارتها إلا منذ فترة وجيزة عندما أخذ العمران يزحف إليها، وبذلك أصبحت من أجمل ضواحي المدينة المنورة. وتبعد الجامعة عن المسجد النبوي الشريف نحو خمسة كيلومترات وتربطها به طريق سلطانة. هذا وقد جرى مؤخرًا تحويل الجامعة الإسلامية إلى مؤسسة عامة بعد أن كانت مصلحة حكومية وذلك بموجب مرسوم ملكي.

أحد المباني التابعة للجامعة الإسلامية.

كليات الجامعة

تضم الجامعة الإسلامية الكليات التالية:

كلية الشريعة:

 وهي أول كلية أُنشئت في الجامعة الإسلامية عام ۱۳۸۱هـ. ومدة الدراسة فيها أربع سنوات يُمنح المتخرج فيها درجة الليسانس في الشريعة الإسلامية. وقد بلغ عدد الطلاب الذين التحقوا بها في عامها الأول 85 طالبًا، وتخرَّج الفوج الأول فيها عام 1384هـ - 1385هـ، إذ بلغ عددهم 43 جامعيًّا ينتمون إلى 13 قُطرًا. أما المواد التي يتلقَّاها الطالب في كلية الشريعة فهي التفسير، والتوحيد، والحديث، وأصول الحديث، والتاريخ الإسلامي، والأخلاق الإسلامية، وفقه المذاهب الأربعة، وأصول الفقه، والنحو، والصرف، والبلاغة، والمجتمع الإسلامي الحديث، والمذاهب الهدَّامة، وحاضر العالم الإسلامي.

وتوجد في الكلية مكتبة واسعة تحتوي على أمهات الكتب والمراجع ذات الصلة بالمواد والمواضيع التي تُدرس في الكلية، إلى جانب المراجع العامة والمجلات العلمية والنشرات الدورية. وقد بلغ عدد طلاب الكلية في العام الدراسي 1394هـ -1395هـ (٥٩٢) طالبًا ينتمون إلى 50 قُطرًا، وبلغت نسبة الطلاب السعوديين بينهم 21 بالمائة من المجموع.

كلية الدعوة وأصول الدين:

أُنشئت هذه الكلية عام 1386هـ، وكان الغرض من إنشائها هو سد النقص الذي لمسه القائمون على شؤون الجامعة في كثير من مجتمعات المسلمين، إذ تعاني من قلة الطلّاب الجامعيين المتخصصين في شؤون الدعوة الإسلامية. فرأى مجلس الجامعة إنشاء هذه الكلية لإعداد الطالب الجامعي المتخصِّص، لكي يتمكَّن من شرح مزايا الدين الإسلامي للمثقفين من أبناء الديانات الأخرى، إلى جانب تبصير المسلمين بحقائق دينهم ومبادئه السامية وتنقيتها مما علق بها من أدران الجهل وزيغ التحريف. وكانت نواة هذه الكلية في عامها الأول 57 طالبًا، وتخرج منها الفوج الأول عام 1389هـ - 1390هـ، إذ بلغ عدد المتخرجين 37 طالبًا يمثلون 19 قطرًا. وتشتمل المواد التي يتلقاها الطلاب في هذه الكلية خلال السنوات الدراسية الأربع على التفسير، والتوحيد، والحديث، وأصول الحديث، والسيرة النبوية، والأخلاق الإسلامية، وأسس الدعوة وآداب الدعاة، وأدب البحث والمناظرة، ودراسات في الفقه المُقارَن، والأديان والفرق والمذاهب المعاصرة، والمجتمع الإسلامي الحديث والمبادىء الهدَّامة، وحاضر العالم الإسلامي، والنحو والصرف، والإنشاء والخطابة، والبلاغة، والأدب العربي، واللغة الإنجليزية. ويتبع الكلية مكتبة خاصة بها، أسوة بمكتبة كلية الشريعة، وتجري تغذيتها باستمرار بكل ما يستجد من الكتب والمطبوعات ذات العلاقة بالمواد التي تُدرَس في الكلية. وقد بلغ عدد طلاب هذه الكلية في العام الدراسي 1394هـ - 1395هـ (289) طالبًا، بينهم 16 طالبًا سعوديًّا.

كلية القرآن الكريم:

وهي أحدث كلية في الجامعة الإسلامية إذ صدرت الموافقة السامية على إنشائها بتاريخ 06-09-1394هـ، وبدأت فيها الدراسة في شهر شوال 1394هـ. وهي تُعنى بدراسة العلوم القرآنية دراسةً مستفيضة، إلى جانب دراسة التفسير، والحديث، والتوحيد، واللغة العربية، والأديان والمذاهب والفرق، ومناهج البحث، ومواد التربية الإسلامية، وعلم النفس من الوجهة الإسلامية، وطُرق الدعوة والتدريس. وقد التحق بها في سنتها الأولى عشرون طالبًا.
وجدير بالذكر أن عدد خريجي كليتي "الشريعة" و"الدعوة وأصول الدين" منذ إنشائهما ألفًا وستة وستين جامعيًّا بما في ذلك خريجو الكليتين في الدور الأول لعام 1394هـ - 1395هـ.

 

الواجهة الأمامية لقاعة المحاضرات الكبرى تزدان بالأقواس وهي تمر الآن باللمسات الفنية الأخيرة.

المعاهد والدور التابعة للجامعة

المعهد الثانوي: أُنشئ هذا المعهد عام 1381هـ، والغرض من إنشائه استيعاب عدد من أبناء العالم الإسلامي ممن يحملون شهادة الكفاءة وليس في بلادهم معاهد دينية ثانوية لاستكمال دراستهم. ومدة الدراسة في المعهد ثلاث سنوات، يحصل المتخرج بعدها على شهادة إتمام الدراسة الثانوية التي تؤهله للالتحاق بالمرحلة الجامعية في الجامعة الإسلامية. ويختص المعهد بدراسة العلوم الدينية والعربية والاجتماعية. وقد بلغ عدد طلابه في العام الدراسي 1394هـ - 1395هـ (608) من الطلاب، وبلغ عدد خريجيه منذ افتتاحه 1,031 طالبًا ينتمون إلى أقطار شتى. وقد أُلحق بالمعهد مكتبة خاصة يستفيد منها طلبة المعهد ومدرسوه.

المعهد المتوسط: أنشئ معهد الدراسة المتوسطة التابع لإدارة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عام 1386هـ، لاستيعاب عدد من أبناء العالم الإسلامي ممن يحملون شهادات ابتدائية أو ما يعادلها، حتى يتمكن الملتحقون به من إكمال دراستهم المتوسطة التي تؤهلهم لمواصلة دراساتهم الثانوية والجامعية. ويُشترط للدخول في هذا المعهد أن يكون الطالب من بلاد لا يتوفر فيها تعليم إسلامي على مستوى الدراسة المتوسطة والثانوية، ومدة الدراسة فيه ثلاث سنوات.
وقد بلغ عدد طلاب هذا المعهد في العام الدراسي 1394هـ - 1395هـ (353) طالبًا، وبلغ عدد خرّيجيه منذ افتتاحه 358 طالبًا.

شعبة تعليم اللغة العربية: أُنشئت عام 1386هـ، لاستقبال الطلاب الذين يحملون شهادات دراسية من بلاد غير عربية ولا إسلامية ولا يتكلمون اللغة العربية التي بواسطتها يمكنهم متابعة دراساتهم في المراحل التعليمية بالجامعة. ويمضي الطالب في هذه الشعبة عامين حتى يتقن اللغة العربية، ثم ينتظم بعدها في أحد أقسام الجامعة وفق ما يحمله من مؤهلات علمية. وقد استقدمت الجامعة لهؤلاء الطلاب مدرسين مختصين يجيدون عدة لغات ليتولوا تدريبهم وتقويم ألسنتهم على النطق باللغة العربية. وقد ضمَّت هذه الشعبة 102 من الطلاب في العام

الدراسي 1394هـ - 1395هـ

دار الحديث بالمدينة المنورة: أُنشئت هذه الدار كمؤسسة أهلية عام 1351هـ بإذنٍ خاص من جلالة المغفور له الملك عبدالعزيز، رحمه الله، وقد ضمت هذه الدار التي تشغل حاليًّا مبنًى مجاورًا للمسجد النبوي الشريف، إلى الجامعة الإسلامية عام 1386هـ، ويشتمل المنهج الدراسي في دار الحديث على مرحلتين تعليميتين: تمهيدية ومدتها خمس سنوات، ومتوسطة ومدتها ثلاث سنوات. ويلتحق الطالب الحاصل على شهادة الكفاءة المتوسطة منها بالمعهد الثانوي التابع للجامعة.

دار الحديث بمكة المكرمة: وهي على غرار دار الحديث بالمدينة المنورة وقد أُنشئت عام 1352هـ، وضُمَّت إلى الجامعة عام 1391هـ - 1392هـ، وهي تتفق مع دار الحديث بالمدينة في مراحلها التعليمية ومناهجها وخططها الدراسية.

وسائل الراحة المتوفرة في غرف الطلاب تتيح لهم جوًّا مريحًا يساعدهم على الاستذكار.

مجالس الجامعة

إن جلالة الملك المعظم هو الرئيس الأعلى للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وللجامعة مجلسان، هما المجلس الأعلى الاستشاري ومجلس الجامعة. ويتألف المجلس الاستشاري حاليًّا من سماحة رئيس الجامعة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رئيسًا، ومن عشرين عضوًا: نائب رئيس الجامعة، ووزير المعارف أو من ينوب عنه، ومدير جامعة الرياض واثنين من هيئة التدريس في الجامعة، وخمسة عشر عضوًا من كبار العلماء وقادة الفكر الإسلامي يُراعى في اختيارهم تنوع الاختصاص وتمثيل مختلف البلاد الإسلامية، وتكون مدة عضويتهم سنتين قابلتين للتجديد. ويختص هذا المجلس بوضع خطط الدراسة والمناهج، وتعديل أنظمة الجامعة، وإنشاء أقسام ومعاهد وكليات جديدة. واختيار أعضاء هيئة التدريس، والبحث في الوسائل الكفيلة بتحقيق أهداف الجامعة. أما مجلس الجامعة فيتألف حاليًّا من سماحة رئيس الجامعة رئيسًا، وعضوية كلٍّ من نائب رئيس الجامعة فضيلة الشيخ عبدالمحسن بن حمد العباد، والأمين العام فضيلة الشيخ عمر محمد فلاته، وعمداء الكليات، وأربعة من هيئة التدريس، ووكيل وزارة المعارف أو من يُنيبه، وعضو من وزارة المالية. ويختص هذا المجلس بأمور كثيرة منها: اقتراح إنشاء كليات ومعاهد جديدة، وإعداد مشاريع الأنظمة والتعليمات الجامعية وتوزيع الدروس على القائمين بالتدريس في الجامعة، ومنح الدرجات والشهادات العلمية، والإشراف على تنظيم النشاط العلمي الاجتماعي في الجامعة، وتحديد عدد أعضاء هيئة التدريس، والموافقة على مشروع الميزانية، وإبداء الرأي في مسائل التعليم ذي الصلة بالجامعة، وتأليف لجان فرعية لبحث موضوعات معينة، والإشراف العام على تحقيق أهداف الجامعة وتنفيذ أنظمتها، وإعداد اللوائح التنفيذية، وإعداد تقرير سنوي عن سير الدراسة في الجامعة وما شاكل ذلك.

وتضم هيئة التدريس في الجامعة نخبة ممتازة من الأساتذة المؤهلين تأهيلًا عاليًا والأساتذة المساعدين والمحاضرين والمعيدين. وقد بلغ عدد أعضاء هيئة التدريس للعام الدراسي 1394هـ - 1395هـ (166) عضوًا. وجدير بالذكر أن المعيدين ملتحقون بالدراسات العليا بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بمكة المكرمة.

هذا وقد تضمنت الخطة الخمسية للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة إنشاء كلية للحديث الشريف والدراسات الإسلامية، وافتتاح كلية اللغة العربية والآداب، وقسمًا للدراسات العليا ومركزًا لشؤون الدعوة.

تزخر مكتبات الجامعة بمختلف كتب العلوم الدينية والأدبية والتاريخية.

مرافق الجامعة ومشاريعها

علاوة على مباني الأقسام التعليمية يضم حرم الجامعة منشآت عديدة حديثة الطراز. وتشمل مبنى قاعة المحاضرات الكبرى التي تضم مدرَّجًا يشتمل على 1,750 كرسيًّا، عدا الصالات الإضافية وغرف المحاضرين ومنصة لهم ومقصورة الشرف المخصصة لكبار الزائرين، كما يضم مبنى قاعة المحاضرات المكتبةَ العامة للجامعة وهي تحتوي على مجموعات كبيرة من الكتب النفيسة في العلوم الإسلامية والعربية، وبها قسم اللغات وقسم للمخطوطات. إن المُشاهِد لهذا المبنى البديع الخاص بالمكتبة العامة ليدرك بلا ريب العطاءَ الجزل والبذل المادي الذي تغدقه الدولة على الجامعة الإسلامية لتوفر لها المَرافق المريحة التي تليق بمكانتها. ويجري حاليًّا إنشاء مسجد على مقربة من مبنى قاعة المحاضرات والمكتبة العامة وهو على وشك الانتهاء، وقد صُمّم وفق نموذج يجمع بين أصالة الفن العربي المعماري وروعة الهندسة الحديثة. ويقوم أمام قاعة المحاضرات أربعة مبانٍ مُخصَّصة لسكن طلاب الجامعة تتوفر فيها لسكن طلاب الجامعة تتوفر فيها جميع أسباب الراحة. ويتألف المبنى الرئيسي من خمسة أدوار ويتسع لنحو 900 طالب. أما المباني الثلاثة الأخرى فيتألف كل منها من دورين، ويتسع لنحو 300 طالب. وهناك أيضًا مبنى مستوصف الجامعة الذي يوفر خدمات صحية ممتازة لطلاب الجامعة والمدرسين والموظفين وعائلاتهم. ويشتمل على عيادات الأطباء، والصيدلية، والمختبر، وقسم الأشعة، وقسم الضماد، وقسم المتابعة، وقسم التمريض. ويعمل في مستوصف الجامعة نخبة من الأطباء وصيدلي قانوني، وعدد من المساعدين والممرضين والفنيين. وقد تضمنت الخطة الخمسية تطويره إلى مستشفًى متكامل. كما يضم الحرم الجامعي مبنى رئاسة الجامعة، والأمانة العامة، ومبنى الإدارة المالية وشؤون الموظفين والعلاقات العامة، ومبنى إدارة الامتحانات وشؤون الطلبة، ومبنى ومطعم الجامعة، ومبنى المستودعات العامة، ومبنى مساكن بعض الموظفين، ومرأبًا لإصلاح سيارات الجامعة وحظائر لها.

آيات بيّنات من القرآن الكريم نُقشت على الواجهة الأمامية لمبنى قاعة المحاضرات الكبرى.

امتيازات الطلبة والمنح الدراسية

يتمتع طلبة الجامعة الإسلامية بامتيازات كثيرة قلَّ أنْ تتوفر في مؤسسة علمية أخرى، ويعود ذلك إلى ما تغدقه الدولة عليها باعتبار الجامعة مؤسسة إسلامية عالمية، يتضح ذلك من الأموال التي تخصّصها لها الدولة. وقد بلغت مخصصات الجامعة الإسلامية في ميزانية الدولة لعام 1395هـ - 1396هـ (146,619,015) ريالًا، في حين بلغت مخصصاتها لدى افتتاحها ثلاثة ملايين ريال. ولذا تحرص إدارة الجامعة على توفير كل ما من شأنه تمكين طلبتها من متابعة دراساتهم بارتياح وطمأنينة عن طريق توفير السكن المريح لهم، والعلاج الطبي المجاني، والكتب الدراسية، وتأمين المواصلات يوميًّا بين مقر الجامعة والمسجد النبوي وفق برنامج مُنظَّم. هذا علاوة على استقدام الطلاب جوًّا على حساب الجامعة وترحيلهم إلى بلادهم. وقد خصصت الجامعة دارًا في مدينة جدة لاستقبال الطلاب الوافدين والمرتحلين وإسكانهم بالدار حتى يتم إنجاز معاملاتهم ومغادرتهم جدة إلى المدينة المنورة أو إلى بلادهم، مع تيسير إجراءات سفرهم وما يتعلق بجوازاتهم. وإلى جانب كل ذلك يتلقى الطالب في الجامعة مكافأة شهرية تتراوح بين 200 و350 ريالًا تبعًا للمرحلة الدراسية التي يجتازها. وتوفر الجامعة لطلابها خدمات الرعاية الاجتماعية، بما في ذلك الناحيتان الثقافية والرياضية، ويقوم بها أخصائيون ومشرفون اجتماعيون ذوو خبرة واسعة في هذا المجال، فتنظم للطلاب الرحلات الاستطلاعية والاجتماعات والندوات الثقافية. ومع كل بداية عام دراسي تقوم الجامعة بتوزيع المنح الدراسية التي تخصصها الدولة على الأقطار الإسلامية والبلدان التي يوجد فيها مسلمون على النحو الذي يقرره مجلس الجامعة. وقد صدرت مؤخرًا الموافقة السامية على تخصيص 680 منحة جديدة للعام الدراسي 1395هـ - 1396هـ، موزَّعة على 107 من الأقطار. وفي هذا الصدد قال فضيلة الشيخ عبدالمحسن بن حمد العباد، نائب رئيس الجامعة الإسلامية: إن تقديم 680 منحة دراسية جديدة هي مكرمة جديدة توضح مدى العناية التامة التي توليها حكومة جلالة الملك المعظم لهذه الجامعة المباركة التي شمل نفعها أقطارًا عِدَّة تستقدم أبناءها لتعليمهم العلم الشرعي وتثقيفهم الثقافة الدينية المستمدة من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم.

جانب من المباني المُخصّصة لسكن طلاب الجامعة.

النشاطات العامة للجامعة الإسلامية

دأبت الجامعة الإسلامية منذ تأسيسها على تنظيم مواسم ثقافية عامة مفتوحة لتنشيط الحركة الفكرية في المملكة التي تمتد آثارها إلى الأقطار العربية والإسلامية. ويحاضر في هذه المواسم كبار أساتذة الجامعة كل في مجال تخصصه في مختلف شؤون الحياة، وتقوم الجامعة بطبع كثير من تلك المحاضرات وتوزيعها على الهيئات والمؤسسات الإسلامية في أنحاء العالم، بالإضافة إلى الكتب القيِّمة التي تصدرها من حين إلى آخر، كما توفد الجامعة كل عام بعثات إلى الخارج للدعوة إلى الإسلام والاطلاع عن كثب على أحوال المسلمين وتعزيز الاتصال بهم، ومساعدة الهيئات الإسلامية ماديًّا ومعنويًّا، وتقديم تقارير ومعلومات مفصلة عن البلدان التي تزورها. وفي صيف هذا العام تمت الموافقة السامية على إيفاد بعثات للدعوة إلى كل من السودان، ومالي، والنيجر، وباكستان، والهند، وأمريكا، وبريطانيا، واليابان. وتوثيقًا للصلة بالمتخرجين تقوم دار الإفتاء والإشراف على الشؤون الدينية في المملكة العربية السعودية بالتعاقد مع بعض المتخرجين من الجامعة الإسلامية للقيام بالدعوة والتدريس في أقطار متعددة على نفقة الحكومة السعودية. هذا وتصدر الجامعة مجلة راقية باسم "مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة" كل ثلاثة أشهر، حافلةً بالمقالات الإسلامية الضافية والبحوث المستفيضة والفتاوى الرشيدة، وتوزع على الهيئات والمؤسسات الإسلامية وعلى القائمين والمعنيين بأمر الدعوة الإسلامية في داخل المملكة وخارجها. ويشارك في الكتابة في المجلة رئيس الجامعة وعلماؤها وطلابها، بالإضافة إلى علماء ومفكرين من سائر البلاد الإسلامية. وجملة القول إن نشاطات الجامعة الإسلامية تنبثق من إيمانها الراسخ بالتفاعل الشامل المجدي مع المجتمعات الإسلامية أنّى وُجدت...

رفوف صيدلية الجامعة تزخر بأحدث العقاقير والأدوية التي تُصرف بالمجان للطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين في الجامعة وعائلاتهم.

وبعد... هذا قليل من كثير يمكن التحدث فيه عن جامعة تَغُذُّ السَّيرَ في طريق النور الذي أسبغه الله على العالم عبر رسالة الإسلام، رسالة الخير والرشاد التي تكافح الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة لنشر ألويتها على البشرية جمعاء.