Hero image

مواساة غير مكتملة

مايو - يونيو 2023

يوليو 24, 2023

شارك

 

 

أواسي‭ ‬السماءَ

لأنَّ‭ ‬السماءَ‭ ‬ترى‭ ‬الآنَ

أبعدَ‭.. ‬

أوسعَ‭ ‬مما‭ ‬أرى

وأواسي‭ ‬المطرْ

لأنَّ‭ ‬الدموعَ‭ ‬التي‭ ‬ارتعَشَت‭ ‬في‭ ‬عيون‭ ‬السحابِ‭ ‬المهاجرِ

تبتكرُ‭ ‬اليومَ‭ ‬ذاكرةً‭ ‬للفجيعةِ

تثملُ‭ ‬بالدمِ.. ‬والنارِ‭.. ‬‮‬

والصرخاتِ‭ ‬الفظيعةِ

حتى‭ ‬تفيض‭ ‬العيونُ‭ ‬الغريقةُ‭ ‬في‭ ‬حزنِها

مطرًا‭ ‬من‭ ‬حجرْ‭.‬

مُطرِقًا‭.. ‬‮‬

مُغرِقًا‭ ‬في‭ ‬خيالِ‭ ‬القيامةِ

وهي‭ ‬تمرِّرُ‭ ‬في‭ ‬أرقِ‭ ‬الليل‭ ‬أهوالَها

وتخيطُ‭ ‬ثيابِ‭ ‬الردى

للقلوبِ‭ ‬التي‭ ‬حلُمَت‭ ‬بالصباحِ‭ ‬البسيطِ‭ ‬المكررِ

للأغنياتِ‭ ‬النبيّةِ‭ ‬في‭ ‬شفةِ‭ ‬الطفلِ‭ ‬والطير

للأرضِ

وهي‭ ‬تمدِّدُ‭ ‬قاماتِ‭ ‬أشجارها‭ ‬لعناقِ‭ ‬السماءِ‭ ‬البعيدةِ

لكنها‭ ‬لا‭ ‬ترى‭..‬

لا‭ ‬تُجيبُ

لا‭ ‬تُصيخُ‭ ‬لهذا‭ ‬العويلِ‭ ‬الثقيلِ‭ ‬المفخَّخِ

بالليلِ

والويلِ

والأضرحة‭.‬

الصباحُ‭.. ‬‮‬

الرمادُ‭ ‬المُمدَدُ‭ ‬فوق‭ ‬البلادْ

الصباحُ‭.. ‮‬

القبورُ‭ ‬التي‭ ‬انتثرَت‭ ‬في‭ ‬شظايا‭ ‬البيوتِ‭ ‬الغزيرةِ‭ ‬في‭ ‬ضفتيه

ربما‭ ‬مثلَنا‭ ‬أدهشَته‭ ‬القيامةُ

نامَت‭ ‬طويلًا‭ ‬على‭ ‬مقلتيه‭ ‬الغمامة‭.‬

وها‭ ‬هو‭ ‬يلمحها‭ ‬‮ ‬

وهي‭ ‬ترحل‭ ‬ذائبةً‭ ‬

في‭ ‬صديدِ‭ ‬الهواءِ‭ ‬المملَّحِ‭ ‬بالبحرِ

يبصرها.. ‬فيشكُّ

يصدِّق‭ ‬أوهامَ‭ ‬عينيهْ

يُنكرها

ويقولُ‭: ‬

الحقيقةَ‭ ‬أختُ‭ ‬المجازِ‭ ‬الشقيةُ

ها‭ ‬هي‭ ‬تعجنُ‭ ‬في‭ ‬سهوِ‭ ‬هذا‭ ‬الزمانِ‭ ‬‮ ‬

الترابَ،‭ ‬الدمَ،‭ ‬البحرَ،‭ ‬والشجرَ‭ ‬الفزِعَ‭ ‬المتطايرَ

حتى‭ ‬تعانقَ‭ ‬كلُ‭ ‬العناصر‭ ‬أجزاءَها

وتواسيَ‭ ‬آلامَها

ريثما‭ ‬يتبدد‭ ‬وجهُ‭ ‬الزمانِ‭ ‬‮ ‬

وتُنسى‭..‬

ولكنني‭ ‬لستُ‭ ‬أنسى

دمي‭ ‬شاهدٌ

صرختي‭ ‬جمُدت‭ ‬في‭ ‬صقيعِ‭ ‬الجحيمِ

ترمَّدتُ

بعثرتُ‭ ‬أسئلتي‭/‬حيرتي‭ ‬في‭ ‬السماءِ

وعدتُ

لألقى‭ ‬القصيدةَ‭ ‬باردةً‭ ‬مُرَّةً‭ ‬في‭ ‬انتظاري

سأواسي‭ ‬القصيدةَ‭ ‬أيضًا

لأنَّ‭ ‬القصيدةَ‭ ‬بنتُ‭ ‬دمي

ولها‭ ‬أن‭ ‬تثورَ.. ‬تضجَّ‭ ‬بقلبي

وتكتبَ‭ ‬منِّي‭ ‬

وعنِّي

‭ ‬إليَّ

وترثيَ‭ ‬آخرَ‭ ‬أشباحي‭ ‬الراحلة‭.‬

ولي‭ ‬أن‭ ‬أفتش‭ ‬جرحَ‭ ‬الكلامِ‭ ‬القديمَ

وأسألَ‭ ‬كل‭ ‬الحروفِ‭ ‬التي‭ ‬نزفَتها‭ ‬القصائدُ

كيف‭ ‬لها‭ ‬بعد‭ ‬هذا‭ ‬الخرابِ‭ ‬الكبير‭

الذي

نثرَ‭ ‬اليأسَ‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬المدى

أن‭ ‬تواسيَ‭ ‬بالكلماتِ‭ ‬البشر؟‭!‬